|
|
|
ياسر صافي التحليق
الشعري والأيقونات الطفولية
"عرائس خيال الظل"
أسعد عرابي 2005
تعكس لوحاته (مثل محفوراته الطباعية)سحراًنفاذاً من الصعب اكتناه غوامضه.
قد ترجع هذه الجاذبية المغناطيسية إلى جماعات شخوصه الملغزة وجماهيره
الكرنفالية المثيرة، والقريبة من عرائس "خيال الظل". هي التي تشيع الغبطة
وتنبض بالحزن في آن واحد، متراوحة بين السكينة التأملية الكهلة والعربدة
الطفولية الشابة.
وقد ترجع هذه الجاذبية إلى طريقته في اختزال الأشكال، وبلاغة الاقتصاد في
الموضوعات،والتقشف المتواضع في وسائط التعبير، أو القناعة احياناً بعدد
محدود من الشخوص والكائنات الميثولوجية، مثل "زوج الأحبة". ثم مقتصرا في
شدة "إلحاحه" على مقام لوني موحد،هادئ الطبع، رهيف الصباغة، والحرارة
والبرودة، يرصع رحابته بجواهر من اللون المشرق المشبع بالصباغة الحميمة،
تماماً مثل أشعة الشروق والفجر، الغروب والغسق، محاولاً اقتناص لحظة لونية
حالمة تقع في ثنايا ذاكرة الزمن، والنور الشارد دون أدنى أمل بالعودة.
عرائس مقصوصة، رقيقة دون حجم أو سماكة أو كتلة أو ظل، تعوم في فراغ "تنزيهي"
فلكي بدون أفق، متحررة من الجاذبية الأرضية. تبدو أقرب إلى المسطحات
التجريدية الخارجة من مجتمع محمود بن سعيد الواسطي وبهزاد وأبو صبحي
التيناوي الدمشقي، تنحصر مثل منمنماتها ورسومها الزجاجية قي قياس ورقي
متواضع.
تتشظى الأعضاء البشرية (بأناملهاو أقدامها وأقنعة رؤوسها) وتنخلع المفاصل
فتنقلب إلى منطق تشريحي هذياني جديد بالغ الأصالة والتفرد.
تختص بعض تكويناته بأحول من العشق العذري الطهراني، تعاني فيها الأجساد من
العناق والفراق، محلقة بطريقة معراجية في عالم أثيري علوي، هارب من آثام
العالم السفلي والموت محلقاً في فضاء بلا قيود.
نكتشف في هذا التحليق الشعري أهلّة نورانية حول الرؤوس مستعارة من من دعة
الايقونة السورانية. يوقع احياناً بعكس اتجاه اللوحة مرسخاً دورانها
الفراغي-الفلكي-"المولوي".
تحفل محفورات ياسر صافي بذاكرة ازدهار فن الحفر والطباعة المحلية ما بين
غياث الأخرس ويوسف عبدلكي ولكنه يتميز بشدة براءته وتبرئه من رقابة العقل
والضمير الأيديولوجي، نجده مستقيلاً بحرية طفولية حدسية من القواعد
التقنوية والمحسنات البديعية، تعاف ذائقته الصقل والترخيم والكياسة
الاكاديمية وفضيلة الرسم، تبدو طزاجة أدائه أقرب إلى رسوم الأطفال أو على
الأقل الرسوم التحضيرية العفوية(الكروكي)، يفضل بكارة الخطوط والألوان دون
مراجعة أو تصحيح، لذلك يبدو من أبعد الحفارين عن التعثر في الأسلبة
والتنميط.
يملك عالمه (على غرائبيته) نوعاً من الحتمية القلبية الأقرب إلى القدرية
الغريزية، لا تقبل فيها أشكاله أية إز
|
|
|