|
|
|
الغرافيكي
السوري ياسر الصافي
... حين تتحرر اليد في مساحة الرسم
محمد العامري 2005
يتقدم الفنان السوري الشاب ياسر الصافي بشكل واثق في تجاوزاته الفنية التي
ترتكز على البحث الجاد في منطقتين متناقضتين منطقة الحفر وقوانينه ومنطقة
الرسم الرحبة المشفوعة بالشطح والطيران على السطح التصويري.
ظل صافي في اجتراحاته البصرية الفنان الجاد الذي تجاوز الكثير من الأجيال
التي سبقته، لذلك ندرك أن جودة العمل الفني وتطوره غير مرتبط بفكرة العمر
بل مرتبط بعبقرية الفنان وجديته مع الموهبة وتجلياتها في العمل الفني. ياسر
الصافي واحد من هؤلاء الين تعاملوا مع اعمالهم بجدية عالية وملفتة من خلال
حضور تجربته بشكل صريح على جدار العرض ففي معارضه تجده يتقدم بعرض مزاجه
الطباعي إلى جانب أعماله التصويرية بشكل يجمع بين القوة والجمال حيث تعكس
رسوماته مزاجه الفني الحقيقي سواء كان ذلك من خلال باليتة الرسم أو من خلال
المحفورات الحمضية فما بين تلك المنطقة وذاك مساحة من المشاركة الذكية
المرتبطة بالعناصر المطروحة وطرائق الصياغات التي اعتمدت على التحرر من
تأثيث المشهد بالتزينية ليذهب مباشرة إلى جوهره التعبيري القائم على كائنات
طائرة وسابحة في مدار النص الطباعي والسطح التصويري على حد سواء، فالعنصر
الإنساني يأتي مجاوراً في المعايشة مع الكائنات الحيوانية والميثولوجية كما
لو أنه أراد أن يبحث في خطوط تلك الأشكال كمادة بصرية بحتة تتقاطع في
خطوطها وتتفارق في معانيها أشبه ما تكون بطفل يحاول أن يصنع ألعابه وعرائسه
الحلمية والتي تحيله إلى فرح غامض مرتبط بطفولة ما، طفولة العين النقية
وحوارها مع المرئي والتخييلي.
فالإنسان هو بمثابة الحركة التي تؤدي إلى خطوط محكومة بتوازنات السطح كأن
نرى إلى الرأس الذي جاء كوزن مدروس لحفظ توازن رقة الشكل وهشاشته وصولاً
إلى أن الشكل هو مساحة غير محدودة من توالدات الخطوط كما لو أننا أمام حائك
خيوط نتغلغل في مساحة نسيجه ... لتحيلنا إلى إيقاعات متنوعة ومتعددة لها
تحولاتها في مساحة العمل الطباعي والتصويري على حد سواء، والملفت في
الأعمال الطباعية أن صافي قد وصل إلى مرحلة الخدش المباشر على سطح المعدن
أي التعامل مع الزنك كما لو أنه ورقة للرسم أو قماشة يستطيع السيطرة عليها
وعلى نتائجها من خلال الخبرة وعدم الخوف والمغامرة في الحفرية ليخرجها من
منطقة التنظيم إلى منطقة الطيران.
وفي مساحة التصوير نجد تمريناته العالية في إيجاد مبررات مهمة لذلك الحس
العالي في الزهد الللوني وتماسكات الخطوط وتحولاتها الإيجابيةفي كل مساحة.
إنه العازف المسيطر على ادواته التعبيرية والتي تتجول في ذاكرة الفنان
لتصبح حقيقة افتراضية في الطباعة والتصوير. فنان ينحاز إلى صوته الداخلي
متحللاً من رقابة ما أنجز ليدخل مباشرة إلى غرفته الخاصة ويقول كلمته دون
وجل أو تردد.
|
|
|