|
|
|
قراءة ل ضياء العزاوي حول أعمال ياسر صافي
يمكن للمشاهد لأعمال ياسر الصافي (١٩٧٦) أن يدرك ومنذ الوهلة الأولى مدى متابعته ورصده للحياة اليومية.
ترسم لوحاته على تنوعها صورته هو بسخريته الحاضرة ونظرته لما حوله من تبدلات في بعض منها تمعن فيه روح غاضبة. ضربات فرشاته السريعة واتساعها العفوي وميله للألوان الحارة مع نوع من اللامبالاة في تداخلات اللون يضيف للوحته حميمية روحية وفكاهة تتسرب بين شخوصه المشاكسين وعلاقتهم بما يحيط بهم من اشخاص، حيوانات، أو وحدات غامضة، تواجدهم هذا في مشهد فيه الكثير من روح المسرح وإلى ميل لاستخدامهم كممثلين غير واقعيين لأحداث سعيدة مرت عليه وظلت في ذاكرته - دون خدش لخصوصيتها، فهو يجعل من لعبة كرة القدم مرحاً طفولياً تسيطر عليه فردية الحضور مما يبعدها عن كينونتها كفعل رياضي شائع. بينما نجده يؤكد من خلال تمثله لفعاليات تجمع بين الحضور الفردي المشاكس وبين الروح الجماعية على نوع من اللهو ذي البعد الاجتماعي. أو أحداث يريد إدانة شخوصها بأقنعتهم وحركاتهم المتشابهة مما يعطي لفعل الإدانة الكثير من السخرية عبر تمّثلهم لشكل الدمى، وإن تنوعت في أحجامها تبقى ذات خصوصية هزلية، والتي ظلت مخيمة على روحه رغم فعل الإدانة التي مارسها ولسنوات كنوع من التطهير الروحي ونسيان ذلك الجرح، ولعل عدم تسمية أعماله هو جزء من رغبته بأن يعطي المشاهد حرية التأويل مما يبعد عن عمله الصفة الفردية ويجعل من المشاهد بشكل غير مباشر شريكاً في تعميم فعل إدانته لمجتمع غارق في التأويل السياسي والفساد.
تتنوع ممارسات ياسر الفنية بين الطباعة، الرسم والنحت مما يفرض على المتابع الحذر في توصيف تجربته وانخراطها ضمن مسارات التجديد عربياً، ففي أعماله الطباعية هناك اتساع للتكوين ليشمل ما يضعه من علامات، بقايا أشكال غامضة، رؤوس وبقايا أجساد، هذا التنوع في الوحدات تسيطر عليه صرامة هي من خصائص تقنية الحفر على النحاس ووحدة لونية في الغالب هو الأسود وبعض من مشتقاته، هذا الميل للاقتصاد اللوني سمح له أن يمنح التفاصيل قدراً من الاهتمام في تنويع مسار الخط وتشابكاته وأن يكون لفعل التضاد في الكتلة أو درجات الأسود قيمة إضافية للمطبوع. هذا بالضبط على العكس مما نجده في لوحاته عوالم متفجرة باللون وبالحركة وتكوينات فيها الكثير من الحرية الممزوجة بالسخرية، وبقدر من المشاكسة الطفولية تتبدى عبر مواقف وحركات شخوصه.
لم تختلف اعماله النحتية عما عالجه من شخوص او موضوعات في اللوحة، ما فعله هو أن أعطاها حضورا ذا بعد تمثيلي، تجاهل عن عمد كما يفعل في لوحاته النسب التقليدية للشخوص بل في بعضها بالغ في جزء منها لكي يعطيها خصوصيته.
ضياء العزاوي
لندن. آب ٢٠١٩
|
|
|